الخميس، 26 سبتمبر 2013

الدخيل 11



الفصل العاشر : سم العسل :-

فرغ الدكتور من قراءة اللغة الغريبة و كان أول ما نطق به " مين صاحب الحاجات ديه " فقال أحمد " الدكتور أمين الله يرحمه زى ما قولنا لحضرتك " فقال الدكتور " قصدك الله يحرقه دا كفر صريح " فقال بدر " يعنى فعلا اللغة المكتوبة لغة سحر " فقال الدكتور بتأفف " ما فيش لغة أسمها لغة سحر شمس المعارف مكتوب بالعربى معنى كده ان اللغة العربية لغة سحر الكلام اللى مكتوب بلغة أفريقية قديمة و فى شوية مصطلحات من مصطلحات حضارات قديمة زى الهيروغليفية و البابلية و حضارة الأنكا كلها متعلقة بالسحر الأسود و أستحضار الجن و الأرواح و القرابين و حاجات أستغفر الله العظيم زى الزفت " فقال أحمد " يعنى الكتابة اللى بالدم اللى كانت على حيطان شقتى فعلا مش بشر اللى عملها " فقال الدكتور و هو يشعل سيجارته " كل اللى ليه علاقة مات صح " فقال أحمد " تقريبا كلهم ماتوا " فقال الدكتور بلهجة عنيفة " ما فيش تقريبا ماتوا و الا لأ " فقال بدر " أكيد ماتوا اللى بيعم على المعظم بيعم عالكل " فقال الدكتور " و ناويين على ايه حضراتكوا كده " فقال بدر و هو يلتقط الأوراق " الباقى بتاعنا يا دكتور " فقال الدكتور و هو يضرب يده " نعم يا أخويا ما أنا كمان أتنيلت قريت يعنى بقيت جزء و مكتوب هنا أن الطريق أتجاه واحد يعنى اللى بيدخل ما بيطلعش يا حبيب الروح " فقال أحمد " حضرتك متأكد أنك دكتور " فقال الدكتور " دكتور من اللبان يا خفيف " فرفع أحمد حاجبه متفهما فقال بدر و هو ينظر الى عيون الدكتور " بص بقى انا أصلا قتال قتله و مش هاتقف عليك " فقال الدكتور و هو يسحب أجزاء مسدسه " و انا كمان مش هاخسر فيكوا غير الطلقتين بص يالا أنت و هوا انا عشت طول عمرى فى حالى و مش هاموت على أيد شعوذة و جن و مش عاشقكوا فى الضلما علشان كده عايز أشترك معاكوا انا أتحطيت فى الدايرة و هاخرج منها " فنظر بدر نظرة طويلة الى عيون الدكتور فلم يجد فيها غير الشجاعة فجلس على كرسيه و أشعل سيجارة و قال أحمد السماك " هانعمل أيه دلوقتى " فقال الدكتور " القمر فى المحاق لأننا فى أخر الشهر العربى و مكتوب قصادى ان التعويذة بتتعمل و القمر فى المحاق يعنى قدامنا لغاية بليل نعرف هانعمل أيه " ثم أستكمل قائلا " و طبعا انا لبستكوا أنتوا الأتنين يبقى الكلام على بيات ثوانى هاطلع أمشى الشغالين " فقال بدر " ليه تمشيهم خليهم علشان لو جرالنا حاجة " فقال الدكتور " لا و النبى علشان يشوفوا كل حاجة و يبهدلونا أو تحصل حاجة و نروح كلنا على الأقل سيبهم يلاقوا الجثث " فهربت الدماء من عروق أحمد السماك الذى قال " جثث هى فيها جثث " فقال الدكتور " يبنى دا سحر سأسودأسود و أستحضار أرواح و جان يعنى أكيد مش هايبقى حفلة طهور " فقال بدر " انت ماسك نفسك أوى ليه كده يا دكتور " فقال الدكتور " علشان انتوا الأتنين منهارين و لو أحنا التلاتة أنهارنا يبقى قول علينا السلامة ، أنا طالع أمشى الشغالين " .....

الواحدة ظهرا : قصر الدكتور سمير الشواف :-

جلس بدر ينفث دخان سيجارته محاولا ربط الأحداث ببعضها بينما جلس أحمد السماك و هو يهز جسده من فرط الخوف و يقول " ربنا ما يرضيهوش اللى بيحصل فينا ده ما يرضيهوش اللى بيحصل فينا ده ما..." كررها مرارا و تكرارا جعلت بدر يفقد صوابه و يتجه نحوه و معتصرا كتفيه و هو يقول " أسترجل يالا و قوم فكر معايا أسترجل " ثم قام بلطمه بقوة جعلت أحمد السماك يهدأ و لكن عينيه لم تستطع الهدوء فظلت تذفر الدموع فقال بدر " قوم فكر معايا فى اللى بيحصل حوالينا مش غريبة اللى بيحصل و الا انا بيتهيألى " فقال أحمد السماك محاولا التقاط أنفاسه " هو أيه اللى بيحصل حوالينا " فقال بدر و هو ينظر اليه بدموية " استرجل بدل ما أخليك تعيط طول عمرك على اللى راح أسترجل " فقام أحمد السماك بمسح عيونه و أشعل سيجارة و هو يقول " أسترجل ازاى دا بيقولك جن و عفاريت و تعاويذ و شعوذة أهدى و أسترجل ازاى " فقال بدر و هو يداعب لحيته " ماهو اللى بيقول ده هو اللى مش مفهوم لا نعرفه و الا يعرفنا و يستضيفنا فى بيته و يمشى الشغالين و مصر انه يكون معانا و حجته انه خايف يجراله حاجة و يرجع بعد كده يقولك ممكن نكون جثث مش عارف فى حاجة مش فاهمها " فقال أحمد السماك " تفتكر مخبى حاجة " فقال بدر " سيبك من الموضوع ده المهم انت معاك الشنطة " فقال أحمد و هو يشير ناحية الركن " أهيه هناك ليه " فتناولها بدر و قام بفتحها بصوت خفيض و مع ذلك أنتفض أحمد السماك مت التكة الخفيفة المصاحبة لفتحها فنظر أليه بدر و هز رأسه فى يأس و قام بالبحث فى داخل الحقيبة فقال أحمد السماك " أنت بتعمل أيه " فقال بدر " بحاول أشوف أى حاجة ماخدناش بالنا منها " فقال أحمد السماك " هايكون فى حاجة أكتر من اللى أحنا فيه ده  ، انت يا أبنى ما بتردش ليه " فقال بدر و هو يغلق الحقيبة بسرعة " لا ما فيش عندك حق ما فيش أكتر من كده " فقال أحمد السماك " انا رايح الحمام و أحتمال أطول عايز منى حاجة " فقال بدر " لالا روح "

الخامسة مساءا : مكتب الدكتور سمير الشواف داخل القصر :-

دلف بدر الى داخل الغرفة بعد الطرق على الباب فقال الدكتور سمير " أيه يا قتال القتلة عايز أية " فقال بدر " جاى أعتذر لحضرتك انت فاهم يعنى الموقف كان عامل ازاى " فقال الدكتور سمير " لا عادى ما يهمكش حاجة المهم قولى انت متأكد ان دى كل الحاجات اللى كانت فى الشنطة " فقال بدر
" شنطة أيه يا دكتور اللى بتتكلم عنها " فقال الدكتور سمير " مش قصدى الشنطة قصدى يعنى دى كل حاجة كانت معاكوا " فقال بدر " هى فيه حاجة ناقصة و الا أيه " فقال الدكتور سمير و هو ينظر من أسفل نظارته " و انا هاعرف منين لو فيه حاجة ناقصة " فقال بدر " انا قولت يمكن يكون الورق بيقول كده و الا حاجة مش حضرتك ترجمته و الا أيه " فقال الدكتور " مانا ترجمته قصادك انت فاتتك اللقطة ديه و الا أيه " فقال بدر " لا ما فاتتنيش بس هو حضرتك لسه بتقرا فيه ليه دا زى ما تكون عايز تحفظه " فقال الدكتور سمير " لا يا سيدى كل الموضوع شغف علمى مش أكتر " فقال بدر " طيب و هو العلم مش المفروض بينفى وجود الحاجات ديه برده و ما بيعترفش بيها " فقال الدكتور سمير " مش كل العلماء متفقين على حاجة واحدة " فقال بدر " طبعا أمال دا أختلاف العلماء رحمة برده " فقال الدكتور سمير " طيب ما أنت كويس أهه ، أه صحيح انت خريج أيه " فقال بدر " تجارة أنتظام قسم أدارة أعمال " فقال الدكتور سمير " يعنى مالكش فى الكلام القديم ده " فقال بدر " و الا الجديد انا راجل عندى مصالح براعيها و بحاول أكبرها علشان أعيش مرتاح بس ربنا بقى اللى بيحط الواحد فى سكك مش بتاعته " فقال الدكتور سمير " طيب على العموم انا هاخلص شوية حاجات لحد بليل و بعد كده نبقى نشوف هانعمل أيه " فقال بدر و هو يخرج من المكتب " صحيح يا دكتور هو أنت مش متجوز " فقال الدكتور سمير " كنت متجوز و انفصلت أى سؤال تانى " فقال بدر " لا أبدا خيرها فى غيرها أن شاء الله " و قام بغلق الباب

نظر الدكتور سمير طويلا الى الباب ثم قام بأخراج مسدسه و تأكد من وجود الطلقات بداخله ثم أرجعه مرة أخرى الى درج المكتب

فى نفس الوقت اخرج بدر كامل سلاحه و تأكد من وجود طلقاته الناريه ثم أعادة مرة أخرى الى جرابة أسفل قميصه

اما فى تلك الأثناء كان أحمد السماك يخرج من الحمام و هو لا يعرف ما ستجود به الساعات القادمة من أهوال سيتعذر عليه تذكرها أن أستمرت حياته

يتبع
محمد محسن


ملحوظة : تأخير الحلقات مش بأيدى بس فعلا ورق الجيش و التجنيد بيقفل اليوم و ما بيخليش الواحد عارف يعمل حاجة بس أن شاء الله أنتظام الحلقات الاخيرة هايكون حلقة كل يوم و يوم و أتمنى الرواية تكون عند حسن ظنكوا كلكوا

محمد محسن

الاثنين، 23 سبتمبر 2013

الدخيل 10



الفصل التاسع : ذكريات :-

الثانية صباحا : شقة أحمد السماك :-

جلس بدر يدخن سيجارتة الخامسة و الأربعون لهذا اليوم و هو يحاول ربط الأشياء ببعضها للحصول على نتيجة ترضى عقله المكدود ، انتابته رعشة من البرد فأشعل سيجارتة السادسة و الأربعون و ذهب فى رحلة الى الماضى البعيد
الى أيام طفولته .....
تذكر المياة الجارية أمام القصر فى سوهاج و تذكر جلوسه بالساعات ليصطاد ما تجود به من أسماك ، تذكر مزارع القصب و حقول الأرز و تذكر أيضا بطن الوحش ، الكهف الجبلى الذى شهد على مغامراته فى سن المراهقة ، هناك قام برص أول حجر جوزه ساده و شربه و هناك أيضا قام بلف أول سيجارة حشيش و التهمها ، و هناك رص أول حجر جوزه (محشى ) و سهر ليلته يحتسيه ، تذكر المواشى و الخيول و تذكر (وهب) فرسه الأبيض الخلوق الخجول الجرىء العنيد
و تذكر كيف مات ...
تذكر كيف دخل على والده فى أحدى الأيام ليجده يقوم بتنظيف الطبنجة ال9 ملم و يقوم بتزييتها و بمجرد رؤيته لبدر قال " سمعت أنك عايز تدخل الكلية صحيح الكلام ده " فقال بدر " دا كان حلم أمى الله يرحمها و حلمى يابا و بعدين انت المفروض تفرح مش تحزن " فقال والده و عيونه تلمع بوحشية ( للعلم فقد ورث بدر لمعة الوحشية من والده ) و أخوك اللى مات هناك " فقال بدر " لكل أجل كتاب يابا مش شرط أن أخويا مات هناك يبقى انا كمان هاموت هناك " فقال والده و هو يهب واقفا " تعالى معايا يا بدر " و ساروا الى أن وصلوا الى حظيرة وهب فقال الحاج كامل " تفتكر الفرس بتاعك هايموت أمته " فقال بدر " علمه عند ربه يابا " فقام الحاج كامل بأخراج مسدسه و قال لبدر " لو قعدت هنا و راعيت البيت و الأرض مش هايموت لكن لو عايز تسافر هاقتله علشان ما يفكرنيش بيك علشان لما يجيلى خبرك أبقى اتعودت على أنك مش موجود تختار أيه " فقال بدر و هو ينظر الى فوهة المسدس بخوف " طيب و هو أيه ذنبه يابا سيبه و انا هاسافر و أرجع أن شاء الله " فقال الحاج كامل " أختار دلوقتى تعليم و الا شغل تحت طوع أبوك " فقال بدر " يابا أستهدى بالله انا مش أخويا " فقام الحاج كامل بسحب الأجزاء و قال " كلمة واحدة تعليم و الا شغل " فقال بدر بصوت خفيض و عيونه تذفر الدموع الحارة و هو ينظر الى وهب " أنا أسف " و هنا رأى بدر وهب يبتسم أو تخيل أنه يبتسم و يهز رأسه برضا و ينظر الى الحاج كامل نظرة تحدى جعلت بدر يقول " تعليم يابا " و هنا دوى صوت الطلقة التى أخترقت عقل الفرس مازجة اللونين الأبيض و الأحمر ببعضهما لينتفض على أثر امتزاج اللونين بدر كامل فى شرفة أحمد السماك و يهرع الى أحمد السماك ليوقظه من النوم و يقول " انا عرفت كانوا بيعملوا أيه " فقال أحمد السماك " يلعن ميتين أم الغشامة حد يصحى حد كده " فقال بدر " قوم بس و أسمعنى الرابط المشترك بين الدكتور أمين و الدكتور منصور و ابويا و الدكتور منير أنهم فقدوا ناس عزيزة عليهم " فقال أحمد السماك و هو يشعل سيجارته " حد قالك على طارق علام انا مالى بالكلام ده يبنى " فقال بدر " يعنى كل اللى كان بيحصل انهم كانوا عايزين يرجعوا اللى راح و علشان كده لجئوا للسحر و الشعوذة فهمت " فقال أحمد السماك " لا بصراحة بس واحدة واحدة و هافهم " فقال بدر " جنوب أفريقيا و مذكرات صلاح الكاشف بتقول انه أكتشف حاجة الحاجة ديه أديتله السعادة و رجعت مراته ليه ، جنوب افريقيا مشهورة بالسحر السود و سحر الفودو و عقائد بنت ستين وسخة كلها سحر و جن و بلاوى زرقا دا بيفسر حاجات كتير و اللغة اللى مش مفهومة هى مفتاح اللغز و لازم نعرفها " فقال أحمد السماك " فوووووق الاموات ما بيصحوش غير يوم القيامة " فقال بدر " قوم بس و انت هاتفهم كل حاجة بعدين قوم بسرعة يالا و انت هاتفهم كل حاجة " فقال أحمد السماك " طيب و هانعرف اللغو ازاى ما أحنا لازم كده نروح للدكتور بتاع الكينج مريوط " فقال بدر " و ماله يالا بينا " فقال أحمد السماك " انت عبيط فى حظر تجوال و البلد على كف عفريت انت فاكر نفسك فى الكفر عندكوا " فقال بدر " يبقى مع أول ضوء نهار نروح على الكينج " فقال أحمد السماك و هو يتأفف " الله يحرقك مش هاعرف انام تطفح زفت قهوة " فقال بدر " ما تتكلم عدل يا أخينا مالك " فقال أحمد السماك " بلا عدل بلا عوج بقى تشرب و ال لأ " فقال بدر " أشرب يا سيدى أشرب بس أعملها بنفس علشان تمرى علينا " ...

بعد نصف ساعة : شرفة أحمد السماك :-

حدق أحمد السماك بصمت الى بدر الذى قضى ثلث الساعة يحكى لأحمد أشياء متعلقة بالسحر و الفودو و الاستعانة بالجن و استحضار الأرواح ليقول متسع العينين " يا أبويا دى حاجات كفر و العياذ بالله " فقال بدر " يبقى لازم نروح للدكتور و نسأله و نعرف ترجمة الكلام " فقال أحمد السماك " قوم ألبس هدومك و هانصلى الفجر و نتحرك يالا " فقال بدر " طيب و الحظر و الكلام ده " فقال أحمد السماك " هاناخدها من على الطريق الدولى و خلاص و ربك هايستر بقى يالا " و بعد صلاة الفجر بأحد الجوامع فى منطقة رشدى أتجه أحمد السماك و بدر كامل بصحبة حقيبة الدكتور أمين الى الكينج مريوط متبعين العنوان الذى أعطتهم أياه لمياء ليصلوا فى تمام السابعة و النصف الى الفيلا الجاثمة بحوائطها المطلية باللون البنى القاتم و بوابتها الكبيرة الحديدية المزينة بنقش كبير لثعبانين يلتفان حول بعضهم البعض بجانبهم دكة خشبية تمدد عليها أحد الأشخاص و بجانبة سلاحه الألى و من خلال البوابة رأى أحمد السماك رجل مسن و لكن قوى البنية يرتدى روب صوفى أسود و يقرأ أحدى الجرائد و هو يدخن سيجار غليظ بنى اللون و بجانبة قدح ساخن يبعث البخار رجح أحمد أنه قهوة الصباح فقال أحمد بصوت جهورى " يا دكتور سمير انا جايلك من طرف لمياء تلميذتك " فالتفت الرجل المسن و سار ناحية البوابة فى الوقت الذى هب فيه الحارس و رفع سلاحه الألى فقال الدكتور " نزل السلاح يا عبد الصمد و انت يبنى انت ما حدش علمك الذوق و الا أيه فى حد ييجى يزور ناس كده و يزعق على الصبح ؟ " فقال بدر كامل " متأسفين يا دكتور بس أحنا محتاجين حضرتك فى مسألة حياة أو موت " فقال الدكتور رافعا حاجبيه " حياة أو موت طيب يبنى تعالى اتفضل لما نشوف أيه الحياة أو الموت "

و فتحت البوابة و دخل كل من أحمد السماك و بدر كامل بصحبة الدكتور و لم يكن فى علم كلاهما انها ستكون المرة الأخيرة التى سيرون فيها ضوء الشمس أو يتنشقوا نسمات الصباح الباردة
و لم يعرفوا أيضا ان تاريخ هذا اليوم سيكون أهم تاريخ مر بحياة كلاهما بل أنه سيكون أهم من تاريخ ميلاد كلاهما
و سيتذكر الجميع هذا التاريخ جيدا
28/12/2012
سيتوقف الجميع بمن فيهم أبطال روايتنا عند هذا التاريخ
حتى أشعار أخر

يتبع
محمد محسن


السبت، 21 سبتمبر 2013

الدخيل 9



الفصل الثامن : الوتر الاخير

الحياة أصبحت مجرد سلسلة من الجثث تمر أمام عينيه ، جلس أحمد السماك طوال الطريق وصولا الى الأسكندرية يفكر فى ماهية الحاضر الذى يحيا به الأن : قتلى و جثث و أمور غريبة و أشخاص يأتون و يذهبون ، فقد أخر خيط و هو منصور الحامولى الذى فارق الحياة أمام عينه و جعله يسير منتفضا حتى محطة القطار ، بعد الوفاة قرر التفتيش فى القصر و لكن بمجرد دخوله انتابته نوبة عصبية سقط على أثرها مغشيا عليه لمدة تتجاوز الساعة ، وصل الى بنايته فوجد بدر ينتظره فى الأسفل ، قال بمجرد وصول أحمد اليه " منصور الحامولى هو اللى عنده الحل " فضحك أحمد بصورة هستيرية و قال فى أثناء الضحك " كان غيرك أشطر هههههههه "فقال بدر " طيب أهدى و تعالى نطلع فوق " .

جلس أحمد يحتسى الشاى و يلتهم سيجارته فى صمت مطبق ، قام بقص ما حدث على مسامع بدر الذى قال " يبقى كده لازم نفهم أيه اللى بيحصل و أكيد الأجابة عند منصور الحامولى أو عند الدكتور منير او جوا فى شقة الدكتور أمين ما فيش أماكن تانية " فقال أحمد " و ايه اللى يضمنلك ان واحد فيهم عمل زى الدكتور أمين و خلى الحاجة عند واحد معرفة و ال صاحبة " فقال بدر " يبقى لازم ندور و نعمل اللى علينا بص احنا هانبدأ بشقة الدكتور أمين المفتاح لقيته فى الشنطة تعالى و دور معايا و حط كتفك فى كتفى علشان نقدر نطلع من اللى أحنا فيه ده " فقال أحمد السماك " هاتدخل شقة واحد مقتول " فقال بدر " مش أحسن ما تبقى شقتك شقة واحد مقتول لو ما عرفناش أيه اللى بيتم " فقال أحمد السماك " أنت بتساعدنى ليه " فقال بدر " علشان مش عايز أحصل أبويا و الدكتور امين " فقال أحمد " طيب و انا ليه بعمل كل ده " فقال بدر " علشان خايف تبقى لوحدك و خايف لو ما عملتش حاجة تموت و انت مش فاهم مت ليه "


وقت لاحق : شقة أحمد السماك :-

قضى أحمد السماك قرابة السعاتين و النصف يبحث فى الشقة المقابلة لشقته الخاصة بالدكتور أمين فلم يجد شيئا يذكر ، الكثير من الشهادات و القليل من سبل الرفاهية فالمنزل بالكامل أحتوى على جهاز كاسيت و جرامافون و بعض الأسطوانات و أطنان من الكتب و المراجع الخاصة بالطب النفسى و الأمراض الباطنية و القلب و لم يعثر على أى شىء يساعده فى رحلته الغامضة ، على الجانب الأخر جلس بدر يحاول التفكير فى أى شىء بمقدورة المساعدة على فهم الطريق فلم يجد عقله المكدود أى مفتاح يساعد على فتح أى من الأبواب المغلقة داخل عقله ، كسر بدر حاجز الصمت بقوله " هاناكل أيه " فقال أحمد السماك و هو ينفث دخان سيجارته " تفتكر حد ليه نفس لحاجة " فقال بدر " ما أحنا لازم ناكل علشان نقدر نواصل ما ينفعش نعيش على السجاير " فقال أحمد " جمب التليفون فى ورقة بتاعة مطعم اتصل خليه يجيبلنا أى حاجة " .
جلس الأثنان يتناولان الطعام على مضض فكان أحمد السماك يشعر بأنه يمضغ بساط قديم مهترىء و يحاول بلعه أما بدر فانخرط فى الطعام لكى يحاول نسيان المشكلة بصفة مؤقته و فى أثناء تناول الطعام قال أحمد السماك فجأة " انت ترجمت الورق المكتوب فى الشنطة ؟ " فقال بدر " لا ما ترجمتوش " فقال أحمد " طيب مش ممكن يكون فى أجابات كتير على اللى أحنا مش عارفينه " فقال بدر " بصراحة ما أضمنش أى حد يترجمه و يحافظ على سرى " فقال أحمد " انت عرفت هو مكتوب بلغة أيه " فقال بدر بصوت عميق " لاتينى و لغة تانية ما أعرفهاش " فقال أحمد " طيب كويس جدا انا أعرف اللى يترجملنا اللاتينى و أمين و مش هايعملنا أى حاجة " فقال بدر " مين " فقال أحمد السماك " واحدة أعرفها فى كلية ألسن و فاتحة سنتر ترجمة معتمد ممكن نروحلها بليل متأخر و نسألها و نشوف هاترد عالينا تقولنا أيه " فقال بدر " ما تديش ثقتك لواحدة ست " فقال أحمد السماك " و انا بقولك هاروح اتقدملها انا بقولك هانشوف هاتقولنا ايه " فقال بدر " و أفرض الورق ما أدالناش أى أجابات " فقال أحمد " ساعتها يبقى نفكر فى حل تانى أحنا فى عرض أى حل دلوقتى أبوس أيدك ما تقفلهاش فى وشنا "
الثانية عشرة صباحا : منطقة رشدى :-

جلس أحمد فى مواجهة بدر ينظران الى بعضهما البعض فى أثناء قراءة لمياء للورق الموضوع أمامها ، لمياء فتاة فى عمر أحمد ، لمياء رقيقة و ناعمة نعومة القطيفة ، لمياء تمتلك عيون عسلية اللون ذات نظرات تخضع أقسى الرجال ، لمياء تضع نظارة طبية زادتها أثارة و جمالا ، لمياء فرغت من قراءة الورق و التفتت ألى بدر قائلة " أنت جبت الورق دا منين " فقال بدر بصورة ألية " أمور شخصية ما بحبش الأسئلة فيها " فقالت لمياء " دا مش سؤال شخصى دا سؤال لازم أعرف أجابته علشان أقولك الورق بيقول أيه " فقام بدر و تناول الأوراق و قال " يبقى مش عايز أعرف الورق فيه أيه " فقامت لمياء بأمساك يده و قالت " طيب أستنى بس انت حمقى ليه كده " فقال أحمد " لمياء مش عايزين لعب بالأعصاب من فضلك لو هاتساعدينا اتفضلى مش عايزة خلينا نقوم نمشى " فقالت لمياء " الورق عبارة عن مذكرات واحد أسمه صلاح الكاشف بيحكى فيها رحلته فى جنوب أفريقيا و بيحكى عن حاجات أكتشفها هناك خلته سعيد فى حياته بعد ما مراته رجعتله عن طريق حاجة هو عملها و قدر يرجعها تانى " فقال بدر " يرجعها منين " فقالت لمياء " مش عارفة تلاقيها كانت فى بيت أهلها و الا حاجة " فقال بدر " طيب و اللغة التانية " فقالت لمياء " مش عارفاها الحقيقة دى لغة ما شوفتهاش قبل كده شكلها كده لغة منقرضة لو عايزين أنا أعرف اللى ممكن يساعدكوا أفضل منى " فقال بدر " مين ده " فقالت لمياء " دكتور سمير الشواف " فقال بدر " نوصله أزاى " فقالت لمياء " هو ساكن فى الكينج مريوط فى حتة مقطوعة كده الفيلا بتاعته هناك هو عايش لوحده و معاه الغفير و البواب و الشغال بتاعه و بس ممكن تروحله و تقوله انا جايلك من طرف لمياء تلميذتك بتاعة سنتر الترجمة و هو هايساعدك " فقال بدر " أتمنى ان اللى أنتى قريتيه تحتفظى بيه لنفسك و يا ريت المقابلة ديه ما حدش يعرف عنها حاجة " فقالت لمياء موجهة حديثها لأحمد " أنت جيبته منين ده يبنى " فقال أحمد و هو يحاول الأبتسام " من سوهاج ، متشكر جدا يا لمياء سلام " .

" مش ناوى تقولى وصلت لأيه " نطقها عمرو بدران من خلف أكتاف أحمد السماك و بدر كامل فقام بدر بالألتفاف و مواجهة عمرو بدران الذى نفث دخان سيجارته بكثافة فقال بدر " أنت مين و بتراقبنا ليه " فقال أحمد السماك ملطفا الجو " دا النقيب عمرو بدران مباحث الأسكندرية و بيساعدنى يا بدر " فقال عمرو بدران " أيه يا أستاذ بدر فى أعتراض و الا حاجة " فقال بدر و عيونه تلمع بوحشية " أدعى يكون ما فيش أعتراض " فقال عمرو بدران و هو يلتفت الى أحمد و يسير بخطى بطيئة " هاجيلك البيت بكره علشان نتكلم " ثم مضى الى الطريق الفارغ ليعبره و التفت الى بدر قائلا " و هاقابلك انت كمان و ساعتها..."
لم يستطع أتمام كلماته أو قام بأتمامها و لم تسمع بسبب صرير العجلات و صوت أحتكاكها فى الأسفلت ثم أرتطم رأس عمرو بدران فى الأرض تفجرت على أثر هذا الأرتطام نافورة من الدماء الحارة التى سالت حتى وصلت الى أقدام أحمد السماك و بدر كامل الذى أنهار أولهما فاقدا للوعى و قام الأخر بأشعال سيجارة و التهامها على ثلاث أنفاث ليستطيع الثبات فى مكانه دون أحتلال المكان المجاور لأحمد السماك على الأرض

يتبع
محمد محسن

الاثنين، 16 سبتمبر 2013

الدخيل 8




الفصل السابع : ضربة شمس :-

كان جالسا فى ركن هادىء بعيد أسفل شجرة كبيرة تلقى بالظلال فوق جسده ، أرتكن الى جذعها و أغمض عينيه محاولا النوم ، كانت هذة أول مرة يخرج بمفرده مع أصدقائه فى اولى سنوات المرحلة الأعدادية ، قادته أفكاره الى عالم بعيد أمتزج فيه الظلام و النور مغلفين المشهد بلون رمادى كئيب ، و لكنه مع ذلك ممتع ، فتح عينيه فرأها أمامه كاشفة عن أنيابها مستعدة لتلدغه فانتفض أحمد السماك ليجد نفسه مازال خاضعا الى سرعة القطار المتجه ألى طنطا ، ترك العمل و قرر السعى وراء المجهول ، رصيده فى البنك يكفيه ليحيا حياه كريمة معتمدا على الفوائد فقط ، أتجه ألى طنطا بمفرده لمقابلة المدعو منصور الحامولى الذى زعم الدكتور منير أنه يمتلك جميع الخيوط ، وصل القطار و هبط أحمد السماك ليقف على رصيف محطة طنطا تلفحه البرودة الشديدة ، اشعل سيجارته و قام بسحب كمية هائلة من الدخان و نفث أياها فى بطىء شديد ، جلس فى سيارة الأجرة حتى وصل الى المرشحة و قام بالسؤال عن الحاج منصور الحامولى ليصل فى النهاية ألى بيته ، طرق الباب فلم يفتح أحدا ، المنزل كان واسعا ذو بوابة حديدية عتيقة ، أقرب المنازل يبعد عنه مسافة العشرون دقيقة سيرا ، أرض فضاء واسعة زرعت بالكامل و حديقة جفت أشجارها لتصوب سهامها العجاف ناحية السماء و فى الأتجاهات المختلفة ، طرق مرة أخرى فسمع جلبة أتيه من الداخل ، فتح الباب الخشبى الداخلى و أطل وجه ستينى العمر و حدق بثبات عجيب فى وجه أحمد فقال أحمد "الحاج منصور الحامولى " فرد الرجل " انا عملت عمرة بس ما حجتش أنت مين " فقال أحمد السماك " انا محاسب أحمد السماك كنت جار الدكتور أمين الله يرحمه و الدكتور منير هو اللى قالى أجى لحضرتك " فقال منصور الحامولى " و تيجى لحضرتى ليه ؟ " فقال أحمد السماك " الدكتور أمين تعيش أنت " فقال منصور " أنت لسه قايل أنك جار الدكتور أمين الله يرحمه يعنى أنا عرفت أنه مات برده أنت جاى ليه " فقال أحمد " جاى علشان أفهم أيه اللى بيحصل " فنظر منصور الحامولى بثبات الى أحمد ثم ضغط زر بجانب الحائط ليصدر عن الباب المعدنى تكة خفيفة ليدلف على أثرها أحمد السماك ألى داخل الحديقة ليرى قبرين حفرت أسماء أصحابهما و لكن لم يستطع أحمد القراءة ، دلف ألى الداخل ليجد نفسه ينظر الى منزل كمنازل الأنجليز فى حقبة العصور الوسطى ، سقف شاهق و أساس كلاسيكى و أتربة تغطى كل شىء ، أقتلعه منصور الحامولى من أفكاره بقوله " فى أيه ؟ " فقال أحمد " لا أبدا مافيش حضرتك اللى المفروض تقولى فى أيه " فقال منصور الحامولى " بص يبنى أنا مش ناقص قول جاى ليه يا أمه تتفضل تطلع برا " فقال أحمد " دم الأفعى أتكتب على حيطان بيتى و أنا فتحت الشنطة " فأحس أحمد بتصدع فى جبل الثلج المتمثل فى منصور الحامولى الذى قال " روحت سوهاج و الا لسه ؟ " فقال أحمد " روحت " فقال منصور و هو يهز رأسه " أنا نسيت أضايفك تشرب أيه " فقال أحمد متمسكا ببادرة الأمل " قهوة لو موجودة " فقال منصور " مفيش غيرها ثوانى و أجيلك .

الثالثة عصرا : حديقة منزل منصور الحامولى :-

جلس أحمد فى مواجهة منصور الحامولى يحتسى القهوة و نظرة مثبت على القبرين فقال منصور الحامولى " مراتى و بنتى الله يرحمهم " فقال أحمد " الله يرحمهم و يسامحهم " فقال منصور " نبتدى من سنة 1982 بالتحديد يوم 15مايو 1982 يوم وفاة أبن الدكتور أمين يوميها الدكتور مات مع أبنه اللى كان عايش كان مجرد خيال أنسان دفن نفسه فى الشغل علشان ينسى ، سنة 85 الدكتور أمين سافر جنوب أفريقيا و رجع أحسن من الأول بكتير ، أنا قولت أكيد تغيير الجو و الناس الجديدة خرجوه من الحزن اللى كان فيه ، سنة 88 مراتى و بنتى ماتوا فى حادثة عربية على الطريق الزراعى ، أنا و أمين أصحاب من و أحنا شباب فى ثانوى و لحد ما كبرنا و أحنا أصحاب برده بعد وفاة مراتى و بنتى قعدت حوالى 4 أيام صايم و كنت هاموت جالى أمين و قالى على الفكرة اللى هو شغال عليها من ساعة ما رجع من جنوب أفريقيا طبعا الفكرة ما تليقش بناس علميين زيى و زية على فكرة انا دكتوراه فى الكيمياء الحيوية بس تعرف يا أستاذ أحمد صدمة فقدان شخص كان كل دنيتك بتخليك أكثر جهلا من الناس اللى عايشة فى الكهوف طول عمرها أشتغلنا على الفكرة بأسلوب علمى و حاولنا نبعد عن أسلوبه الحقيقى و فعلا وصلنا لحاجة تقدر تقول أنها أكتشاف علمى خاص بينا أحنا الاتنين بص مهما حاولت أفهمهالك مش هاتفهمها دى عقيدة مترابطة الجوانب زيها زى الكابالا و الماسونية و الجماعات السرية القوية على مدار التاريخ كل اللى حصل أن الموضوع خرج من أيدينا و ما عرفناش نعمل أيه تقدر تقول انقلب السحر على الساحر بشكل أو بأخر أنا أسف لو كان كلامى لهجته تقيلة شوية ( فأوما أحمد السماك برأسه بمعنى ما فيش مشكلة كمل ) فأكمل منصور الحامولى كلامه " بص انا عارف انك مالكش ذنب و عارف كمان أن أمين فى أخر الأيام عقله حصله أنهيار تام بص يا أبنى أنت مش هاتعرف تهرب و مش هاتعرف تكمل لوحدك لأن الموضوع أكبر منك بكتير روح لواحد يعتمد عليه و يقدر يساعدك و لما توصلوا لأخر المشوار أوعوا تخافوا أنتوا الأقوى و الأعلم و الأقدر و الأحق أنا أيامى معدودة فى الحياة و خايف لما أموت ما أقدرش أجاوب على سؤال من أسئلة منكر و نكير ساعتها بس هاحزن لانى هابقى عشت فى نار فى الدنيا و نار فى الأخرة " فقال أحمد السماك " انا مش قادر أفهم أنتوا عملتوا أيه لحد دلوقتى " فقال منصور الحامولى " لو عايز تقابل واحد ميت تعمل أيه " فقال أحمد " نعم ؟ " فقال منصور الحامولى " لو عايز تقابل واحد ميت تعمل أيه " فقال أحمد " هاقابله فى حلم مثلا أو هاموت و أروحله " قالها بسخرية ليرد منصور قائلا " بالظبط الحلم مش بأيدك و الموت هايبقى كفر احنا حاولنا نوجد منطقة وسط بين الأتنين " فقال أحمد السماك " بين أيه و أيه حضرتك " فقال منصور الحامولى و هو يسعل بشدة " ن..ي.م.ن..ى ..ج..م...ب. ... مر...اتى...و....ب.نن......تى " ثم صدرت عنه حشرجة عميقة فارقت الحياة جسده بمجرد أنتهاءها تاركه أحمد جاحظ العينين يعانى من غثيان شديد يدفعه لافراغ معدته على الأرض معانيا من الشلل النصفى المؤقت الذى منعه من القيام و محاولة الفرار من المكان شاعرا ببرودة عنيفة كأنه أنتقل الى الاسكا .... فجأة لمعت فى عقله فكرة ضرورة الحصول على أجابات فقام و سار ناحية القصر فى برود تام و هدوء قاتل و قام بفتح باب القصر و بدأ فى التفتيش عن أى شىء و لم يكن ينتوى الأنتهاء من التفتيش


حتى أشعار أخر

يتبع
محمد محسن

السبت، 14 سبتمبر 2013

الدخيل 7



الفصل السادس : دم الأفعى :-

" حضرتك بتقول أيه ؟ " نطقها أحمد السماك فى مواجهة الشاب الواقف أمامه الذى قال بصورة طبيعية للغاية " بقول لحضرتك انا أبن الدكتور أمين عبد العليم أيه الغريب فى كده " فقال أحمد و هو يهز رأسه بعدم فهم " حضرتك أبن الدكتور أمين عبد العليم دكتور الامراض الباطنية اللى كان ساكن فى الشقة ديه " فقال الشاب " أيوة انا أبنه و بعدين أيه كان ديه هو عزل و ساب الشقة و الا أيه ؟ " فقال أحمد و هو منكس الرأس " أتفضل أدخل " و بمجرد دخوله الى الصالة أنتفض أبراهيم مسعود قائلا " حضرتك أكيد ظابط مخابرات " فقال الشاب " لأ دكتور نفسى " فقال أحمد السماك " أنت أخر مرة شوفت فيها أبوك كانت أمته " فقال الشاب " من حوالى أسبوعين " قالها فأحس أحمد بألاف الأشواك تنغرس فى جميع أنحاء جسده فجلس و أشعل سيجارة و قال " الدكتور أمين مات " فقال الشاب " أنت مجنون  ولا أهبل أنت أيه اللى أنت بتقوله ده أرجوك بلاش هزار " فقال أحمد السماك و هو مغمض العينين مرسلا دخان سيجارته ألى أعالى الغرفة " بقولك أتقتل تفتكر الحاجات ديه فيها هزار يا أستاذ حضرتك أسمك أيه أصلا " فقال الشاب و هو يجلس زائغ العينين مشعلا سيجارة " أتقتل أزاى " فقال أحمد السماك " مش عارف " فقال الشاب غاضبا " يعنى أيه مش عارف " فقال أحمد السماك " يعنى مش عارف أقولك أتقتل ازاى علشان مش عارف هو أزاى أتقتل " فقال أبراهيم مسعود للشاب " برده حضرتك ما قولتلناش أنت مين " فقال الشاب " أنا الدكتور منير عابدين " فقال أحمد " منير عابدين و أمين عبد العليم لا فعلا ابنه " فقال أبراهيم مسعود " أبن مين ولا مؤاخذة " فقال أحمد " الدكتور منير بيقول أنه أبن الدكتور أمين الله يرحمه " فقال أبراهيم مسعود " أمال اللى انت حكيته أيه " فقال أحمد السماك ناظرا بريبه الى الدكتور منير " دى تسأل فيها الدكتور منير " فقال أبراهيم مسعود مخاطبا الدكتور منير " بص يا أستاذ مبدئيا أنا دماغى أتفصلت ثانيا و دا الأهم الراجل ده أكتر من أخويا و لو عايزين تجننوه مش هاسمحلكوا ، ثم أنتفض ليمسك برقبه الدكتور منير و يقوم بهزة بعنف مكملا " هو كل واحد بحكاية مالكوا بينا فى أيه " فقام أحمد السماك منتفضا و أبعد يد أبراهيم مسعود فقال الدكتور منير " أفهم يا بنيئادم دا كان أتفاق بينى و بين الدكتور أمين انا كنت بعالجه " فقال أحمد السماك بعدما جلس بجانب أبراهيم مسعود " بص يا دكتور انا بقالى حوالى أسبوع مش عارف أنام من اللى بيحصل أرجوك لو عندك كلمة خير قولها ماعندكش أتفضل من غير مطرود " فقال الدكتور " انا مقدر موقفك ممكن تحكيلى أيه أللى حصل " فقص أحمد السماك الرواية كامله فقال منير " الكلام اللى قاله عادل محجوب صح هو فعلا كان مريض نفسى ، بص من الأخر انا هاقولك كل حاجة الدكتور مريض عندى من حوالى 8 سنين طبعا انا فشلت فى علاجه لكن نجحت أنى أكسب صداقته و قالى على كل حاجة متعلقة بيه و طبعا مش هاقدر أقولك أى حاجة علشان ما تسألش من الأخر أى حاجة قالهالك الدكتور نفذها " فقال أحمد السماك " طيب حط نفسك مكانى يا دكتور هاتعمل ايه " فقال أبراهيم مسعود "بص يا دكتره أتفضل أمشى و أحنا مالناش علاقة بالموضوع ده نهائى الأمانة اللى كانت مع صاحبى سلمها لعيلة المرحوم و خلصنا مالكوش عندنا حاجة و الا أحنا لينا عندكوا حاجة و كده طيبة أوى " فقال الدكتور " بص أنا مقدر أنك قلقان على صاحبك بس صدقنى أنا ما أعرفش حاجة " فقال أحمد " من فضلك زى ما قال الأستاذ أبراهيم انا ماليش علاقة بالموضوع ده نهائى و أظن كفاية أوى لحد كده " فقال الدكتور منير " أنا متأسف على الأزعاج سلام عليكم " فقال أحمد " سؤال يا دكتور منير ممكن " فاستدار منير و قال " تحت أمرك لو فى أستطاعتى " فقال أحمد السماك " أبن الدكتور مات و الا لأ " فأمال منير رأسه و قال " و دا هايهمك فى أيه " فقال أحمد لا أبدا عايز أفهم " فقال منير " ماليش دعوة دا كان مريض عندى و أنتهى " فقال أحمد " بس أنت ما عرفتش تعالجه " فقال منير " أنت عايز أيه " فقال أحمد " الدكتور كان بيعمل أيه يا دكتور منير " فقال منير " مش أنت مالكش علاقة بالموضوع و سلمت الأمانة أنتهى بقى خلاص عايز تعرف ليه " فقال أحمد " أعتبره كلام فى الهوا دردشة على ما تخلص سيجارتك " فقال الدكتور منير " ما فيش أى حاجة الراجل كان وحيد و كان منطوى و كان عنده شوية أكتئاب و بس " و هم بالأنصراف فقال أحمد السماك " أنا فتحت الشنطة " فتجمد الدكتور منير فى مكانه و التفت جاحظ العينين و قال " الشنطة بتاعته " فقال أحمد " أيوة " فقال الدكتور " و أزاى تفتح حاجة مش بتاعتك مش دى أمانة " فقال أحمد " و انا أيه اللى يضمنى انها ما فيهاش ممنوعات و الا حاجة تودينى فى داهية " فقال الدكتور منير " فتحتها بمفتاحها و الا كسرتها " فقال أحمد " كسرتها " فسقط الدكتور منير على الأريكة بعنف و أشعل سيجارة قائلا " يخربيتك أنت ليه عملت كده " فقال أحمد " فى أيه يا دكتور فهمنى " فقال أبراهيم مسعود " يا سوادى على كتر الكلام مش قولنا خلصنا يا عم أنت ليه رغاى زى النسوان " فقال الدكتور منير بنبرة عميقة " أقعد ساكت يا حيوان ما بقاش فيها خلصنا " فقال أبراهيم " تصدق على الحرام من دينى هايطلع عين أمك النهاردة " فقال أحمد " أبراهيم أقعد ساكت و أستنى " فقال الدكتور مشهرا مسدسه الشخصى " بص يالا انا ممكن أحط طلقتين فى دماغ كل واحد فيكوا دلوقتى و أحط التالتة فى راسى أخرس علشان ما أطلعش أنا عين اللى جابت أهلك كلهم " و أكمل قائلا " بص يا أحمد الكلام اللى هاقولهولك منافى للعلم بس واقع و يا ريت ما حدش غيرنا يسمع الكلام ده " فقال أبراهيم مسعود " هأو لما تشوف حلمة ودنك " فقال أحمد " سورى يا دكتور منير ما بقاش ليا غيره أقدر أثق فيه " فقال الدكتور منير " تعرف أيه عن الماورائيات " فقال أحمد " مش ديه الحاجات اللى هو روايات ما وراء الطبيعة " فضحك الدكتور منير بسخرية قائلا " لا مش هيا ما تعرفش أى حاجة تانية " فقال أبراهيم مسعود " كودية زار يعنى و عروسة و كده " فاجهش الدكتور منير بالضحك الهستيرى قائلا " لا مش كودية زار الماورائيات و الأمور الباطنية زى السحر و عقيدة الكابالا و الأعمال و الشعوذة و الأرواح و الحاجات ديه " فقال أحمد بنبرة سخرية " أنت بتتكلم جد ؟ " فقال الدكتور " على فكرة بتكلم جد " فقال أبراهيم مسعود " حى الدور الدور الدور الدور موعودة ياللى عليكى الدور " فقال الدكتور منير " على فكرة انتوا مستهزئين بالموضوع بس انا و الله بتكلم جد " فقال أحمد السماك " كده خلصت بجد شرفتنا يا دكتور " فقال الدكتور و هو يخرج ورقة فارغة و يخط شيئا بالقلم عليها " هاتروح طنطا و تنزل موقف المرشحة و تسأل على الحاج منصور الحامولى و هو هايقولك على كل حاجة و على فكرة قدامك يوم بليلة و الأسبوع يتم و صدقنى لازم تسبق بخطوة " و قام بالأتجاه ناحية الباب ثم توقف و ألتفت الى أحمد قائلا " و على فكرة الأحمر اللى على الحيطة ده مش دهان أحمر دا دم و لو اللى فى دماغى صح يبقى دم أفعى أو ثعبان خد بالك من نفسك و لو أحتجت أى حاجة انا عنوان عيادتى معاك فى نفس الورقة، أه كنت هانسى يا ريت ما تجيبش سيرة لحد باللى الحاج منصور هايقولهولك سلام عليكم "

مضى الدكتور منير تاركا أحمد السماك فى ذروة حيرته جالسا بجانب أبراهيم مسعود يدخن سيجارته فى صمت و قد أدرك أنه يغوص يوما بعد يوم فى أسوأ كوابيس حياته و لا مجال من الأستيقاظ منه

حتى أشعار أخر

يتبع
محمد محسن